الأسطورة
مقاطع الانطلاق:
يقول
السياب في قصيدته ”سربروس في بابل“:
1 ـ ليعو سربروس في الدروبْ
2 ـ وينبش التراب عن إلهنا الدفين
3 ـ تموزنا الطعين
4 ـ يأكله: يمص عينيه إلى القرار
5 ـ عُشتار ربة الشمال والجنوبْ
6 ـ تسير في السهول والوهاد
7 ـ تسير في الدروب
8 ـ تلقُطُ منها لحم تموز إذا انتشرْ
يقول أدونيس:
1 ـ لم يزل شهريار
2 ـ حاملا سيفه للحصاد
3 ـ حاضنا جرة الرياح وقارورة الرمادْ
4 ـ نَسيتْ شهرزادْ
5 ـ أن تُضيء الدروب الخفيهْ
6 ـ في مدار العروقْ
7 ـ نسيت أن تُضيء الشقوقْ
8 ـ بين وجه الضحيهْ
9 وخُطى شهريارْ
الملاحظة والتحليل:
تحليل المقطع الشعري الأول:
ينقل الشاعر تجربة جماعية إنسانية من خلال تصوير حالة الجفاف والبؤس والظلم التي تخيم على العراق.يتمنى انبعاث الحياة من جديد في أرض وطنه ولنقل رؤياه للوجود وموقفه من الواقع الذي تعيشه العراق وقد دمج الشاعر تجربته الذاتية الجماعية بالتجربة الإنسانية.حيث استعار أسطورة سربروس (كلب أسطوري له ثلاثة رؤوس مفتوحة الأفواه ينفث منها السم جلده مكسو بالثعابين وذيله ذيل تنين يحرس العالم السفلي عالم الأموات) وهو يرمز إلى الموت والفناء.
وفي القصيدة يتمادى سربروس إلى قبر تموز ويجدد موته . وتموز اله الخصب والحياة الذي يموت كل عام لينتقل إلى العالم السفلي فتلتحق به حبيبته وزوجته عشتار( عشتروت)وتغتسل بماء الحياة لبعثا معا قبيل الربيع فتحيا الطبيعة بعودتهما للحياة ولكن تموز في القصيدة لم يعد إلى الحياة إلا بعد معاناة عشتار التي أجهز عليها سربروس ومزقها إلى أشلاء فبعث تموز مرة أخرى للحياة بدم عشتار الذي سال على الأرض.
لم يستعمل بدر شاكر السياب أسطورة تموز بدلالتها المعتادة بل أعاد خلق أسطورة جديدة ربط فيها بين عدة أساطير( سربروس عشتار تموز) ليبرز انتصار الحياة على الموت.
تحليل المقطع الشعري الثاني:
استحضر أدونيس أسطورة شعبية (اسطورة شهريار الملك المتسلط الذي ضبط زوجته مع العبد الأسود فقتلها وأقسم على الإنتقام من جنس النساء بقتل فتاة عذراء كل ليلة إلى أن جاء دور شهرزاد فأخذت تحكي له حكاية كل ليلة ولا تتمها إلا في الليلة الموالية لتربطها بحكاية جديدة ألى أن وصلت ألف ليلة وليلة فكف شهريار عن سفك الدماء وأنقدت بنات جنسها). إلا أن الشاعر في القصيدة انزاح عن مضامين الأسطورة بالرغم من احتفاظه بشخصية شهريار الذي لايزال مستمرا في القتل حاملا سيفه للحصاد لأن شهرزاد لم تتمكن من تعديل سلوكه.
استنتاج:
الأسطورة حكاية شعبية خرافية قديمة نسجها القدماء إيمانا منهم بالقوى الغبية التي ألفها الإنسان الأول.
تمكن الأسطورة الشاعر من تجاوز التقرير والمباشرة إلى الإيحاء والتصوير الذي يبرز موقف الشاعر من الواقع.
تمكن الأسطورة الشاعر من نقل موقف ذاتي أو جماعي أو إنساني .
تساعد الأسطورة الشاعر من وسم القصيدة بالطابع الخيالي لأنه ينزاح عن الأسطورة الأصلية ويخلق أسطورة جديدة تبرز موقفه من الوجود.